بعد خمسةِ أعوام ..

أشعر و كأنني صرتُ أكثر نضجًا و حكمةً و إدراكًا للأمور التي حولي بعدما انتهيت أعوامي الدراسية، أو بتعبيرٍ أدق لما كُسر القيد المسمى بالدراسة!، ‬
‫أجل أنا لستُ على إدراكٍ تامٍ بعد بما سأفعل بعد تسليمي لمشروع التخرج -على خيرٍ بإذن الله- كاتجاه عملي أو علمي، لكن ثمة نقاط أصبحتُ أدركها جيّدًا إلى الحد الذي جعلني أكتُب هذه الكلمات حتى لا أنساها أبدًا، ‬
‫بعدَ خمسة أعوامٍ كاملة توصلتُ إلى أنّ قيمةُ المرء في خمسٍ:‬
:أولها: قيمة المرء دينه و خُلقه:
الدين و الخُلق بوصلة الإنسان للمضي في حياته، لمواجهة قوى الظلام بداخله و سحبه إلى النور و الخير فلا يُؤذي أحدًا و لا يتأذى هو من أحد.
و الأهم: الدرع الأقوى أمام “العادي و الذي سيصبح عادي و الذي ستقول عنه:مستحيل يبقى عادي، و الذي تقول عنه: دي حاجة بسيطة يعني عادي”و هي الكارثة التي ابتلينا بها، و لم نستطع الخروج منها أنقياء طاهرين للأسف، و كان الجهاد فيها غاية الصعوبة!،
و قناعتي التي توصلت إليها بعد خمسة أعوام، هي شيئان:
أولهما: أي مكان سيكتب لك الإكمال فيه حياتك، ثم سيمس دينك و خلقك أهنّه بالاستغناء و التخلي، و إن لم تستطع أن تفعل: فإياك إياك و الخطأ الأول”اللي أنت غالبا بعدها هتقول مش هعمل كدا تاني، ابقى قابلني🚶🏻‍♀️“، و احذر هؤلاء الجراثيم القاتلة التي ستهون الأخطاء و تحقرّها كأنّك تفتح علبة حلوى لا ترتكب خطًأ و إثمًا.
احفظ قلبكَ حيًّا..!
.
ثانيها: قيمة المرء ما يُحسنه:
أجل، للأسف في الخمسة أعوام ربما لأنّ الواحد منا كان يفتقر و يفتقد إدراكه إلى ماذا يُريد و ماذا لا يُريد، و إلى النضج الكافي لفهم أعماق الأمور حوله، مشى وراء التيارات التي صفعته صفعة جعلته ينزلق و ينجرف مع هذا التيار شاء أم أبى، تيارات عديمة الرحمة و الإنسانية؛ أرادت أن تصنع منكَ قالبًا لأفكارها و مشاعرها إرضاءً لغرورها الفكري و الشعوري، مناديةً بالمثالية الخرقاء الجوفاء التي هي أصلا ليست موجودة على الأرض،
لكن للأسف لضعفنا، و اهتزازنا الدائم، و عدم ثقتنا بأنفسنا، دُفنّا في وحلها.
.فلا نحنُ خرجنا بشيء تعلمناه أو استفدناه، ولا نحن عرفنا قدراتنا و مواهبنا التي وهبها الله لنا فأحسنّا لها بالعمل و الاجتهاد.
بعدَ خمسة أعوام:
لكل واحد منّا هبة خصّه الله بها، صغيرة أو كبيرة. مختلفون نحن لنتكامل، لا لنختلف و نتنافس، لننجح معًا، لا لنكسر كل من لا يشبهنا، ولا لنحقر من ليس مثلنا،
لنعمل معًا، لا لنصنع قوالب توافق أهواءنا الآثمة المغرورة،
إثم الهوى ليس فقط في اتباعه، بل وفي تسليطه على الآخرين و جعلهم تابعين له رغمًا عنهم، لاغيًّا اختلافهم و قدراتهم!.
تقبلوا ذلك، يا كل من سنلتقي بهم في أيامنا القادمة تقبّلوا أننا لسنا واحد، أننا نختلف عنكم، و أنكم تختلفوا عنا، لكل منا قلبه و عقله، فاتركونا نحسن لما نحب، نحسن لما نعرف، نحسن لما نفهم، نحسن لما يريده قلبنا و عقلنا لا قلبكم و عقلكم، اتركونا نحسن لأننا قيمتنا فقط فيما نُحسن، لا في اتباعنا لتياركم!.
آمن بهبة الله لك، لا تُحقرها مهما كانت صغيرة، أحسن إليها بالعمل و الاجتهاد و الصبر و الاستعانة بالله و الاستخارة الدائمة، عسى الله يفتح لك طريقًا لم تكن تتخيله،
ثم ثق بنفسك ولا تنجرف إلا لما يؤمن به قلبك و عقلك وفقط!
ثم في النهاية:
علّمها لغيرك، تتم مهمتك و شكرك لله على نعمته.
.
ثالثها: قيمة المرء فهمه الصحيح ل:
“رحم الله امرئ عرف قدر نفسه”.
كان منهم إذا دخلوا علينا قاعة المحاضرات، بدؤوا بعزف موسيقاهم الخاصة و الغناء أنّهم يفقهون كل شيء، و يعرفون كل شيء، و نحن لسنا سوى مجموعة حمقى جئنا لنتعلم فعلينا أن ننصت و أن نستمع و فقط، لأنهم عرفين كل حاجة.
رحم الله امرئ أدرك أنّ الله خلقه معززًا مكرمًا فليس من حق أحدٍ أيًّا كان أن يقلل من شأنه لأي سبب كان،
و رحم الله امرئ أدرك أنه مخلوقٌ ضعيف، مهما بلغ فهو ضعيف، فليتواضع!
رحم الله امرئ عرف قدر نفسه!
.
رابعها: قيمة المرء بمدى إنسانيته و حبه للخير.
في عالمٍ مادي حقير لا يهم الناس إلّا أنفسهم، زُرع بداخلنا-من اتجاهات مختلفة نتيجة البيئات التي عشنا فيها-أنّه نفسك أولا وفقط!
ولو أننا آوينا لظل سماءٍ أمام بحرٍ اختارت الشمس أن تختبئ في حضنه، و تأملنا سبب خلقنا، ثم استذكرنا بعض الآيات و الأحاديث التي كننا نرددها فرحًا و نحن أطفالا نركض وراء بعضنا البعض أيّنا حفظها أفضل، لاشمئزينا من أنفسنا ومن أفكارنا و من أفعالنا،
قال -صلى الله عليه وسلم-:
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشده بعضه بعضا.
قال -صلى الله عليه وسلم-:
مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحُمى.
صدق رسول الله!
.
احذر الوقوع في فخ الأنانية، احذر الوقوع في فخ اللإنسانية، و حسب ما رأيت في الخمسة أعوام أنّ أول ما يكسر هذا شيئان:
أنّك إذا تعلمتَ شيئًا علّمه لغيرك مباشرةً،
و أنّه إذا أتاك أحد يطلب المساعدة فقدّم فورًا، فإن لم تستطع فدلّه على من يقدر،
ثم عود وجهك على البشاشة و الابتسامة في وجه من يأتيك سائلا، و علّم قلبك أن يكون خفيفًا لطيفا فلا يُشعر السائل بأنه ثقيل أو ما شابه،
ثم أخلص نيتك لله وحده، واعلم أنّ ما تقدمه واجبٌ منك لشكر الله على نعمه، لا كرمًا و تفضلا منك، فتواضع و أحسن!
.
خامسًا و الأخيرة: قيمة المرء في ابتعاده عن القيل و القال، و إنشغاله بما لا يعنيه.
إذا أردت أن تحيا سليم الصدر نبيل الطبع كريم القلب فلا تجلس مع امرئ لا يكف عن ذكر الآخرين بسوء، عن امرئ لا يحسن الظن و يملأ قلبك بالسواد اتجاه الآخرين، لا يكف عن الحديث عن سر هذا و ذاك،
ينشغل بكل صغيرة و كبيرة ناسيًّا نفسه.
لا شيء يُسّود القلب و يملأ العقل بالصدأ مثل: “الحكاوي و الحواديت”،
اشغل نفسك بما ينفعك،
ف “من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه”.
.
أمّا بعد،
كنّا ربما بحاجة إلى مدرسة الخمسة أعوام لنصل إلى هذه القناعات،
شكرًا لكل اللحظات و المواقف و الأحداث التي جعلتني أصل لهذه السطور بقناعة كاملة تامة،
شكرًا لمن ظلمنا و آذنا و كسرنا،
شكرًا لمن أحسن إلينا و رفق بنا و أكرمنا،
نذكر كلاكما بالدعاء، بالمغفرة و أن ننسى، أو الرزق بكرم الله و إحسانه و عدم النسيان.
كلاكما كان سببًا في حروف كثيرة بين هذه السطور.
شكرًا لكل ما مضى، لأنّ نصل إلى هذا القدر من الحرية في القلب و العقل، لم أكن أتخيل أنّ إنكسار قيد الدراسة سيكون بكل هذا القدر من الجمال و السعادة، فالحمدلله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.
.
ربما تتساءلون كيف مرت هذه الأعوام؟
أنا أيضًّا تساءلت، ثم اخترت أن أفكر و استذكر الأيام لأذكر لأي شيء كان الغلبة لأن نمضي و نصبر، فقررت أن أفتح تويتر و أفكر و أنا أقلب في تغريداته، فكانت أول تغريدة، هي الإجابة، رفق الله بنا و ذكّرنا ما نسينا )
نعم هذه الآيات بها مضت أعوامي السابقة:
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى..
نعم، في أشد لحظاتي انكسارا و حزنًا و يأسًا لم يكن أحد بجواري إلّا الله،
الله وحده الذي مرّ هذه الأعوام على خير،
لا فضل و لا كرم إلا لله وحده،
أبوء لك بنعمتك علي ياربي
و أبوء لك بذنبي فاغفر لي،
فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا إنت،
فإنّه لا كريم إلّا أنت،
فإنّه لا رحيم إلّا أنت،

أما بعد،
نسأل الله الخير و السعادة في كل ما هو قادم،
و السلام..

 

 

61590679_337335300287966_7010894504190279680_n

حِصار ..

 

78cccf35a2ba6f016675fa5943e8f126

محاصرٌ أنتَ لأنكَ خائف.

محاصرٌ أنت لأنّك شديد التوهم، لأنّك واهم.

مُحاصر أنت لأنّك لا تتحدث بحقيقة قلبك، تدعس على قلبك بكل قسوة، ظنًا منك أنّك هكذا تحفظ ود الآخرين، لكن للأسف تلقى كل لؤمٍ و جفاءٍ منهم، محاصر .. لأنّك لم تفهم أنّ الإحسان فقط للمحسنين، الذين يملكون قلبًا يشبه قلبك.

مُحاصرٌ لأنك مملوء بالكثير من الأسرار لا تبوح بيها إلّا لورقة أو لبعيدٍ تحبه.

مُحاصرٌ لأنّك تقول أنّك بخير و أنت لست بخير.

مُحاصر لأنّك تخجل من دموعك، و تخشى أن يراك الناسُ ضعيفًا.

مُحاصرٌ لأنّي أرى ابتسامتك الباهتة و عيناكَ الذابلتان، و جسدك النحيل الذي يزيده الحزن نحولًا يومًا بعد يوم.

مُحاصرٌ لأنّك حتى حقوق ربّك الكريم الرحيم قصرت فيها، و لم تُحافظ على أدائها.

مُحاصر لأنّك تُحب العابرين و البعيدين و أصحاب القلم و أصحاب الصمت و أصحاب الطبيعة، محاصر لأنهم مثلكَ محاصرين، فلا ظفرتَ بقربهم و لا ارتحت ببعدهم، بل حوصرت مرتين ياللأسى على قدرك .. 

مُحاصر لأنّك تكذب عقلك و قلبك أنّك تنتمي لهذا المكان، و أنت تعلم يقينًا أنّك كاذب، تختلق القصص و الحكايا لتجلد قلبك و عقلك علهم من الألم ينحنوا .. لكن هيهات، سيكون نهاية الأمر بكاؤك أنت من الألم.

مُحاصر لأنك تكتب آلاف الصفحات كل يوم و تضع آلاف الوعود أن تفعل كذا و كذا ثم تكتفي بالنظر إليها على يدك اليمين و تكمل استمتاعك البائس على صفحات التواصل الاجتماعي، تضع الايموشنات السعيدة في كل مكان، و أنت مليء بالبغض و الكره اتجاه نفسك !

مُحاصر لأنّك لا تفعل شيء سوى أن تكتب أنّك مُحاصر .. لم تفكر كيف تكسر قيدك، لم تفكر حتى أن تكتب “لا قيد” ..

محاصر لأنّك تقرأ مثل هذه الكلمات بإعجاب، أمّا لو قرأتها اشمئزازًا منها، فاعلم أنّك الحر الطليق، ثم ادعُ لي علّني يومًا أقرأها باشمئزاز.. أنا المُحاصر. 

 

من تركَ شيئًا لله عوضَه خيرًا منه ..

هاجر إبراهيمُ عليه السلام إلى أرضٍ يعبدُ الله فيها، معتزلًا تاركًا أبوه و قومه الذين اتخذوا الأصنام ءالهة، فعوضه الله عن هؤلاء القوم الذين حرقوه في النار بأولادٍ و ذرية صالحة تحمل راية عبادة الله، أولاد و ذرية قرت عينه بهم.

ركِب نوح السفينة، وقال لابنه “يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا”، لكن ولده أبى إلا الكفر و العصيان وقال: “سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ” لكن “لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ”، عوضه الله عن هذا الولد الكافر  بأن “جَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ”، 

أجل، فلا فقدان الوالِد بالأمر الهين، ولا فقدان الوَلَد بالأمر الهين، لكن إن كان “الله” هو الغاية فكل شيء يهون لأجل الله.

في إبراهيمَ ونوح سلوان للذين يضحون بأغلى ما يملكون لأجل الله، و أنّ كل أمر صَعب و شقّ و آلم النفس تركْه لأجل الله، كان عوض الله أجمل مما يتخيل أحد، فمن ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه .. 

يالله ..

24c8c56fe7cab974bca1193dd2788090
يالله .. يا من حميت يوسف في البئر،
و يونس في بطن الحوت، 
و رسولنا في الغار ،
احمي قلوبَنا من كلِّ ما يُحزنها و يَكسرها و يُضعفها 
احمها من البلايا ما ظهر منها وما بطن 
احفظ فطرَتها و نقاءَها و خلقَها و حياءَها .. يالله
احمي كل القلوب الصادقة المؤمنة من الكذبِ و النفاقِ و الخداعِ و المكرِ يالله 
أنتَ سند القلوب التي لا سند لها 
أنتَ أهل من لا أهل لهم ياربي  
لجأتُ إليكَ يا إلهي 
كن ملجأ لقلبي .. ولكل قلبٍ لجأ إليك ..
آمين ..

سليمُ الصدرِ ..

 

 

1e7c55619a3a1bace36a0ca87f48678a

 

علمتني الأيام، أنّ الرّاحةَ كل الرّاحةِ في ألّا تسمح لأحدٍ أن يتحدث أمامكَ بسوءٍ عن أحدٍ، و ألّا تسمح لقلبكَ أن يقع في وحل أنْ يُعامل أحد بناءً على “كلام مسبق عنه”، و أنّك إذا مررتَ بين الناس فمُرَّ مرورَ العابرِ الخفيف، فلا لغو ولا كلام غير هام ينطق به، أو يعنيه الاستماعُ إليه، و ألا يكون أصلا من اهتمامه أن يعرف ما جرى وما قيل هنا و هناك. و ألا يتحدث بغير حاجة، -فالصمت جوهرة-، لا يُدرك قيمتها إلّا من خانه و اغتاله كثرة الكلم بلا فائدة. و أن لا حاجة أن يعلّق على كل ما قيلَ و فُعل!، فماذا صنعتَ في حياتكَ ليكون رأيك مهم لتنهك روحك و قلبك بالتعليق على كل شيء، و لنفترض أنك فعلت، أليس من الحكمة أن تتعلم الصمت الجميل لتفهم أولا إذا كان الأمر يستحق التعليق أو لا ! .. 

علمتني أنّ الراحة كل الراحة في ذلك ..

أنتَ إن خرجتَ من الدنيا سليمً الصدر، حيّ القلب، فلتحمد الله حمدًا كثيرًا .. 

و لن يكونَ القلب السليم إلا بحديثي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“لا يُبَلِّغُنِي أحدٌ من أصحابي عن أحدٍ شيئًا، فإنِّي أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سَلِيم الصَّدر”

“من حسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه”

صدق رسول الله..

..


a65c3dd22dff5b46dcde8f56b3f594ce
“ثمّ إنّ القلب إذا اشتد عليه الحزن و اشتد عليه الألم، لم يعد يبالي بأي شيء أي شيء، حتى الدمعة لا يذرفها، أو في الحقيقة .. قد جَفت ..
و لربما تراه يضحك و يمزح كأنّه أسعد الناس، لكن الحقيقة أنّه لم يعد ينتظر شيء، لقد أصبح الحزن ركن مخبوء دفين في قلبه، تستحضره الذكريات العابرة أو وحدة، فيهدي الذكرى دمعة، و يهدي الوحدة صمت و دمعة، وذلك كله حين يكون وحده، وحده و فقط.
.
.
أما بعد .. فإنّ القلب الحزين تصبغ كلماته و حروفه و أفعاله و ألفاظه و تصرفاته بلون الحزن الباهت، شاء أم أبى، ولا يلحظ ذلك إلا قلبين، قلب حزين آخر، أو قلب نبيل دقيق الشعور.
.
.
أما بعد .. فإنّ الفجر أقوى من الحزن، فإن الفجر أقوى من الألم،
و إنّ في مراسم إعلان الصباح مراسمٌ أخرى لإعلان الحياة و الأمل.
.
.
أمّا بعد .. فإني أحبّ الفجر .. أخبرني أنتَ هل تحب الفجر مثلي ؟ ..”

هبة ..

هبة .. فتاة ولدت في أرض غير أرض وطنها ثم انتقلت بعد أعوام طوال لتعيش في أرضها، لها جواز سفر واحد باسم أرضها موضوع في ركن غرفة في حقيبة سوداء، كلما حملها الحنين إلى أحباب قلبها، ضمته إلى صدرها ضمة المشتاق إلى حبيبه، ليس حُبا فيه و في تنقلاته، إنما هو ريحٌ من أناسٌ أنت لهم و هم لك، هو من يحملك إليهم أو يمنعك عنهم، فلربما بكل ضمة يحنو مرة، فيكتب لهم لقاء لا فراق بعده.
هبة .. تُحب أشياء كثيرة ولكنها لا تُحسن أيّا منها. هبة تُحب الكتابة ولا تحسنها، هبة تُحب القراءة و لا تحسن إليها، هبة قد وقعت في حب أشياء لها علاقة بالقسم الذي تلتحق به -و ذلك لأول مرة في حياتها- و لم تحسن إليها أيضا، وتحب كذا و كذا و كذا و لم تُحسن في الثلاثة كذا.
هبة تحب صاحب الكلمة الطيبة، و إن لم تكن هي كذلك فهي تعلم أنها تخطئ كأي بشر.
هبة تُحب صاحب الخلق الحسن، هبة تحب المحب للخير، هبة تحب صاحب العلم ذو الخلق المتواضع، هبة تُحب أصحاب المواقف النبيلة،
هبة تُحب الذي يفهمها دون أن تتكلم، و تحب الذي يقدر صمتها إذا لم تشأ الكلام فلا يحملها عبء الكلمة. هبة تُحب من يُحب الإنسانية. هبة تحب كل إنسان بقلب إنسان في هذا الزمن.
هبة تُحب كل هؤلاء و إن لم تكن مثلهم، و لكنها تتمنى أن تكون مثلهم يومًا ما.
هبة لا تُحب الذين يؤذون الآخرين بالكلمة، لا تُحب الذين يهدمون الآخرين بالكلمة، لا تُحب المغرورين الذين يظنون أنهم ملكوا العالم بقليل من علم، لا تحب الذين يكسرون الآخرين ثم يضحكون على أنين قلوبهم، لا تُحب الذين لا يحبون الخير لغيرهم. لا تحبهم و تسأل الله أن يحفظ قلبها و قلب أحبابها من أن يكونوا من هؤلاء.
هبة تؤمن بالحب. تؤمن أنه مفتاح كل خير و لو أساء باسمه كل أهل الأرض، هي تؤمن أنّه أنبل ما في الأرض لكننا نحن ما لا نستحق، ولو رزقت يومًا طفلا ستعلمه أنّه لا أشرف و لا أنبل من أن يكون له قلب محب طاهر صادق نبيل.
هبة تؤمن أنّ الخلق الحسن مع الإيذاء و السفاهة قوة ليس يضاهيها قوة.
هبة تؤمن أنّ لكل أحد منا ما يميزه، و أننا مختلفون، و أن تواجدنا مكان واحد لا يعني تشابهنا، إنما يضع الله المرء في المكان حكمة و تدبيرا لشأن لأحد بأن يتدخل بها، تؤمن أن كل أحد منا إنما وضعه الله لأجل شيء ما يجب أن يعرف ما هو و يجب أن يؤديه، و أنّ العظمة ليست بأن تكون عظيمًا إنما العظمة أن تعرف من أنت و تؤمن بنفسك أولا.
هبة تؤمن أنّ قوة القلب لا تقل أهمية عن قوة العقل، و أنّ المسلم الذي رزقهما معًا فقد هداه الله لأجمل ما يكون، فتسأله أن يرزقها و يرزق أحبابها.
هبة تؤمن أنّ الكلمة الطيبة لها أثر جميل في القلب و إن لم تلحظه ولو بعد حين.
هبة تؤمن أنّ البسمة لها أثر جميل في القلب و إن لم تلحظه ولو بعد حين.
هبة تحب أن تُغني:
” و أهدي نصف عمري .. للذي يجعل طفلا باكيا يضحك ”
إلى نهاية القصيدة.
هبة تحب أن تغني:
” لك الحمد مهما استطال البلاء ..”
إلى نهاية القصيدة.
أما بعد،فإنّ هبة التي تكتب لك الآن، تبكي أسفًا على حالها و على ما أضعته من
ركض وراء أوهام كانت تظنها حقيقة،
أما بعد، فإنّ هبة لا تريد من قارئ الكلمات شفقة أو حزنا أو ترحيب إنما دعاءً صادقًا لعل الله يغير حالها من حال إلى حال أفضل.
أما بعد، فإنّ هبة سعيدة أنها تحدثت للمرة الأولى عن نفسها و ربما هي مدينة لأحد ما قد غير فيها هذا دون أن يعلم أو يشعر. و لهذا فإنّ هبة تقول لكم أحسنوا دائمًا لمن حولكم و لو بكلمة طيبة و لو بسمة صادقة و لو بضمة حانية فوالله والله والله لا تتخيلون مثل هذه الأشياء البسيطة ماذا يمكن أن تفعل وأن تغير.
هي تسألكم الدعاء :”)

إلى أصدقائي في القسم ..

أصدقائي في القسم .. تحية طيبة و بعد،،
.
هل تذكرون أول بريزنتيشن كنا مبسوطين بيه، أنا أذكره، أنا أذكر جيدا ذاك الحماس الذي كان يملؤنا و الطموح الذي كاد أن يكون أكبر من أعمارنا، هل تذكرون -أول مشروع ديزاين سلمتوه؟-، أنا أذكره .. أنا أذكر أنّ وجوهكم كانت تعلوها فرحة ليس لها مثيل، ربما لأنني لم أكن قد أحببت القسم في هذا الوقت فلم أشعر بما شعرتم، لكن هذا الشعور أخذ مكانه في قلبي لما رأيت سعادتكم في هذا الوقت.
هل تذكرون الترم التاني من أولى عمارة؟
هل تذكرون أول مرة حطيتوا أسئلة الامتحان لنفسكم و المرة التانية عملتم ايه :”3؟
لا أود أن أذكركم بالمرة الأولى عشان أنتو عارفين أنتم عملتوا ايه :”D لكني أذكركم بالمرة الثانية المرة الجميلة الهادئة باستنثاء بعض الأسئلة التي لن يغفر لها حتى اليوم :3 ..
هل تذكرون يا أحبائي أول مرة امتحنا فيها 6 ساعات، و -كمية الأوفر بوستات اللي كتبناها على الفيس- نطلب فيها الدعاء و الزيارة ؟
هل تذكرون امتحان الدكتور مدحت اللي خلصناه في ربع ساعة :”) ؟
هل تذكرون المشروع التاني و التالت و الرابع و الخامس و المشروع اللي بنشتغل فيه دلوقتي :)) ؟
هل تذكرون كم مرة اتفقنا على حاجة نعملها و معملنهاش :)) ؟
هل تذكرون شارع المعز و حديقة الأزهر :”) ؟
هل تذكرون الترم اللي فات من تالتة عمارة ❤ -قلوب حمراء كتير- ..
أصدقائي في القسم لهم وجوه معروفة اللون و الهيئة يوم التسليم، أصدقائي في القسم لكل منهم ما يميزه، أصدقائي في القسم مش كلهم بيحبوا القسم بس كلهم بيسلموا لما الشغل يبقى جماعي،
أصدقائي في القسم .. لقد اقترب التخرج، ربما لم أحب أنا هذا المكان أبدًا لأسباب خاصة بي، ولكني أحببتكم و سعدت بمعرفتكم، و أنا مدينة لعدد منكم بالكثير الكثير، هؤلاء المجهولين هنا المعلومين في قلب، يسر الله كل عثرة في طريقهم، يسر الله لنا ما تبقى و نتخرج بقى عشان تعبت ..:”3
.
.
صديقتكم المحبة هبة

هل أُحب .. ؟!

نعم أُحب .. 
.
أحبُّ الفجر و رائحة المطر و المطر
أحبُّ التوليب و الخريف
أحبُّ الشوكولا و القهوة
أحبُّ الصباح
أحبُّ الليل
أحبُّ البحر
أحبُّ السماء
أحبُّ القلم و الورقة و الكتاب
أحبُّ النوافذ الكبيرة المتصلة بالسماء و الشجرة
أحبُّ حروف العربية و كلماتها
أحبُّ القلم
أحبُّ القلم
أحبُّ القلم
أحبُّ الحصان و طير الشتاء.
أحبُّ الرسائل الورقية.
أحبُّ الهدوء.
أحبُّ الأبيض و الأسود و بقية الألوان.
أحبُّ الخواتم الفضية.
أحبُّ المسجد الأزرق.
أحبُّ أصحاب الخلق الحسن و الكلمة الطيبة.
أحبُّ أهل العلم المتواضعين منهم و فقط.
أحبُّ أهل القرآن و أهل الفجر.
أحبُّ أهل الخير و من وهبوا أنفسهم للآخرين.
أحبُّ أهل الإحسان.
أحبُّ أهل الحق.
أحبهم و لست منهم، لكني أحبهم ..
.
.
أما بعد،
نعم أحبّ ..

الأيقونة محمد صلاح ..

112fc10cd40b4489bb61e23b26c5e5f8.jpg

.
لم يَعد “محمد صلاح” أو كما يلقب ب “مو صلاح ” أيقونة كروية و فقط خاصة بمحبي كرة القدم،
بل أصبح أيقونة أمل مصحوبة بالنجاح و التوفيق من الله و السداد لأولئك الذين اختار لهم العالم الهدم و الإحباط فملأهم باليأس.
.
مُحمد صلاح الذي لم يستطع الالتحاق بجامعة كبيرة لظروف مادية ثم رفض فريق الزمالك له، كانت كلها التدابير الإلهية العظيمة ليكون اليوم محمد صلاح هو “النجم محمد صلاح ” في فريق ليفربول.
هو أيقونة أولئك البؤساء الذين حطمهم الكثيرون أو قل – رفضهم الكثيرون – فألبسوهم ثياب اليأس و الحزن و الانطفاء.
نجمه الساطع في ملاعب كرة القدم، لم يكتفي بذلك بل سطع في قلوب الكثير من أولئك البائسين، الذين بدؤوا ينظرون إلى الحياة بمنظار: ” الزمالك رفض صلاح يومًا ما ..”، ثم بنفس المنظار مع تكبير دقة العدسة بدؤوا ينظرون إلى الحياة ب “الزمالك رفض صلاح يومًا ما .. عشان يكون النهاردة في ليفربول !”.
جميلٌ أن تؤمن بأنّ اختيارات الله و تدابيره دائمًا هي الخير، و الأجمل أن تكون سببًا في إحياء هذا المعنى في الآخرين، هكذا صنع نجم ملاعب كرة القدم و القلوب البائسة -المرفوضة-.
اليوم و قد توّج بأفضل لاعب في ليفربول، أتخيل بعد أعوام قليلة عند سؤال أحد صغار و أطفال هذا الجيل: ” عايز تبقى ايه لما تكبر “، سيكون رده سريعًا و تلقائيًّا و بكل ثقة:”محمد صلاح ..”،
سيُضاف إلى سجل إنجازات محمد صلاح أنّه كسر أسطورة كليات القمة .. يومًا ما.
.
.
نتمنى له مزيدًا من التوفيق و النجاح، و ندعو الله بدعاء الأم المصرية “اللهم توفيق و نجاح كتوفيق و نجاح محمد صلاح .. :”D “